الخيبة : الحالة ، بكسر الخاء الجمع بين الأختين وتحريم نكاح الربيبة : منصوص عليه في كتاب الله تعالى ويحتمل أن تكون هذه المرأة السائلة لنكاح أختها : لم يبلغها أمر هذا الحكم وهو أقرب من نكاح الربيبة فإن لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم يشعر بتقدم نزول الآية ، حيث قال " لو لم تكن ربيبتي في حجري " وتحريم الجمع بين الأختين في النكاح متفق عليه فأما بملك اليمين : فكذلك عند علماء الأمصار وعن بعض الناس : فيه خلاف ، ووقع الاتفاق بعده على خلاف ذلك من أهل السنة ، غير أن الجمع في ملك اليمين : إنما هو في استباحة وطئها إذ الجمع في ملك اليمين : غير ممتنع اتفاقا وقال الفقهاء : إذا وطئ إحدى الأختين لم يطأ الأخرى ، حتى يحرم الأولى ببيع أو عتق ، أو كتابة ، أو تزويج ، لئلا يكون مستبيحا لفرجيهما معا .
وقولها " لست لك بمخلية " مضموم الميم ساكن الخاء المعجمة مكسور اللام معناه : لست أخلى بغير ضرة .
وقولها " وأحب من شاركني " وفي رواية " شركني " بفتح الشين وكسر الراء . وأرادت بالخير ههنا : ما يتعلق بصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم من مصالح الدنيا والآخرة ، وأختها : اسمها عزة " بفتح العين وتشديد الزاي المعجمة وقولها " إنا كنا نحدث : أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة " هذه يقال لها درة " بضم الدال المهملة وتشديد الراء المهملة أيضا ومن قال فيه " ذرة " بفتح الذال المعجمة فقد صحف .
وقد يقع من هذه المحاورة في النفس : أنها إنما سألت نكاح أختها لاعتقادها خصوصية الرسول صلى الله عليه وسلم بإباحة هذا النكاح ، لا لعدم علمها بما دلت عليه الآية وذلك : أنه إذا كان سبب اعتقادها التحليل : اعتقادها خصوصية الرسول صلى الله عليه وسلم ناسب ذلك : أن تعترض بنكاح درة بنت أبي سلمة فكأنها تقول : كما جاز نكاح درة - مع تناول الآية لها - جاز الجمع بين الأختين ، للاجتماع في الخصوصية . أما [ ص: 557 ] إذا لم تكن عالمة بمقتضى الآية : فلا يلزم من كون الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بتحريم نكاح الأخت على الأخت أن يرد على ذلك تجويز نكاح الربيبة لزوما ظاهرا ; لأنهما إنما يشتركان حينئذ في أمر أعم . أما إذا كانت عالمة بمدلول الآية : فيكون اشتراكهما في أمر خاص . وهو التحريم العام . واعتقاد التحليل الخاص .
وقوله عليه السلام " بنت أم سلمة ؟ " يحتمل أن يكون للاستثبات ونفي الاشتراك ويحتمل أن يكون لإظهار جهة الإنكار عليها ، أو على من قال ذلك .
وقوله عليه السلام { لو لم تكن ربيبتي في حجري } و " الربيبة " بنت الزوجة مشتقة من " الرب " وهو الإصلاح ; لأنه يربها ، ويقوم بأمورها وإصلاح حالها ومن ظن من الفقهاء أنه مشتق من التربية ، فقد غلط ; لأن شرط الاشتقاق : الاتفاق في الحروف الأصلية والاشتراك مفقود فإن آخر " رب " باء موحدة وآخر " ربي " ياء مثناة من تحت و " الحجر " بالفتح أفصح ويجوز بالكسر .
وقد يحتج بهذا الحديث من يرى اختصاص تحريم الربيبة بكونها في الحجر وهو الظاهري وجمهور الفقهاء على التحريم مطلقا ، وحملوا التخصيص على أنه خرج مخرج الغالب وقالوا : ما خرج مخرج الغالب : لا مفهوم له وعندي نظر في أن هذا الجواب المذكور في الآية فيه - أنه خرج مخرج الغالب : هل يرد في لفظ الحديث أو لا ؟ .
وفي الحديث دليل على أن تحريم الجمع بين الأختين شامل للجمع على صفة الاجتماع في عقد واحد : على صفة الترتيب
ومن هذا يتبين لنا
ان الاسلام قد حرم على الرّجل الزّواج من أمه وأخته وخالته وعمته وغيرهنّ من اللاواتي يحرمن عليه، ويدخل أيضاً من المحرمات تحريم الزّواج من الأختين في وقتٍ واحدٍ وهذا الأمر يحرص عليه الرّجال من الإقتراب منه، ودائماً الإسلام واضحاً وصريحاً وله الحكمة من تحريم ما يحرم الإقتراب منه.
ومهما كانت علاقة المحبة ورابطة الأخوة بين الأخوات إلا أنّ هناك دائماً تكون شرارة غيرة بينهنّ والقصد من الزّواج دائماً هو الإستقرار في وجه محبة وألفة فالمرأة تحب أن يكون زوجها لها وحدها فماذا يحصل لو تزّوج الرّجل من أختين في الوقت نفسه.
سيكون هناك قطيعة ومناوشات وغيرة تحوّل حياة الزّواج إلى ضجة وجحيم ولا يكون هناك أي مودة بينهما وستخلق فتناً في جو العائلة هي في غنى عنها، لذلك حرّم الإسلام الجمع بين الأختين تجنباً للمشاكل والمشاجرات والقطيعة بين الأختين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق